أما ثبوت تعيين تاريخ الإسراء والمعراج فلم يثبت عَلَى الإطلاق أي دليل صحيح صريح في تحديد وقت الإسراء والمعراج، وكل ما نعرفه من خلال السيرة هو أن الإسراء والمعراج كَانَ قبل الهجرة، هذا هو القول الراجح، والمشهور والمستفيض أن الإسراء والمعراج كَانَ بعد موت أبي طالب عم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبعد موت خديجة، وبعد أن ذهب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الطائف ورده أهلها، وهو العام الذي يسمى عام الحزن، لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقي فيه الأذى الشديد والألم والتعب، فمنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عليه بهذه الآيات العظيمة، وهذه المشاهد وهذا المقام الرفيع الذي لم يصل إليه بشر، تسلية للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانت آيات عظيمة قال الله تعالى: ((لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى))[النجم:18] فأراه الله عَزَّ وَجَلَّ آياتٍ عظيمة ففُرج عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الهمَّ وسُرِّي عنه، وعاد وقد استيقن بربه وبلقائه، وأن ما يوحى إليه هو الحق أكثر من ذي قبل، وعاد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد شد العزم عَلَى أن يبلغ دعوة ربه، وأن لا يبالي بالنَّاس مهما صدوه، بعدما رأى ما رأى من الأَنْبِيَاء ومن الكرامة التي نالها،حتى قال الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ اللَّهُ كما في الجزء السابع من فتح الباري (ص:203) : والأقوال في ذلك أكثر من عشرة أقوال، حتى أن منها: أن ذلك قبل البعثة، ومنها: بعد الهجرة، وقيل: قبلها بخمس، وقيل: قبلها بست، وقيل: قبلها بسنة وشهرين كما قال ابن عبد البر .
هذه خلافات كثيرة، ولا يوجد أي حكم شرعي يترتب عَلَى المعرفة الدقيقة لتاريخ الإسراء والمعراج.
إذاً -الْحَمْدُ لِلَّهِ- لا يهمنا من معرفة التاريخ شيء، وما دام أنه لم يثبت منها شيء فنحن لا نثبت أي شيء منها، إلا أننا نقول: أنه كما يترجح ويظهر من عموم الأدلة أنه كَانَ قبل الهجرة، وأنه كَانَ بعد أو في عام الحزن.